إكبا يحتفي بمرور أكثر من 20 عامًا من أبحاث نخيل التمر

  •  أجرى المركز منذ العام 2001 تجارب مختلفة في دولة الإمارات العربية المتحدة لتحديد مدى التأثير طويل الأجل للريّ بالمياه المالحة على نمو نخيل التمر وإنتاجيته وجودة ثماره وتأثير الملوحة على التربة.
    أجرى المركز منذ العام 2001 تجارب مختلفة في دولة الإمارات العربية المتحدة لتحديد مدى التأثير طويل الأجل للريّ بالمياه المالحة على نمو نخيل التمر وإنتاجيته وجودة ثماره وتأثير الملوحة على التربة.
26 مارس 2023

يُعتبر نخيل التمر (.Phoenix dactylifera L) أقدم شجرة فاكهة في شبه الجزيرة العربية، فهو يُمثِّل عنصرًا رئيسيًا من عناصر نُظُم الأغذية الزراعية في هذه المنطقة التي تتميز بمناخها القاحل. ونظرًا لكونه من الأشجار الأصلية، فإنه يُعد جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي المحلي والحياة الاجتماعية والاقتصادية.

ومع ذلك، فإن زراعة نخيل التمر تُشكِّل تحديًا في المنطقة بسبب ندرة المياه وملوحة التربة والمياه وانخفاض خصوبة التربة وغيرها من العوائق. ففي دولة الإمارات العربية المتحدة، على سبيل المثال، يعني المناخ شديد الجفاف أن النتح التبخري المرجعي يتجاوز 2000 ملم بينما لا يبلغ متوسط هطول الأمطار السنوي سوى 50 ملم، وبالإضافة إلى حالات الإجهاد غير الحيوي، فإن إنتاج نخيل التمر يكون محدودًا بسبب الآفات والأمراض، ولا سيما سوسة النخيل الحمراء (Rhynchophorus ferrugineus)؛ حيث تُقدر الخسائر السنوية في إنتاج نخيل التمر عالميًا بنحو 30 في المئة بسبب الآفات والأمراض، وذلك وفقًا لبيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة. علاوةً على ذلك، تُمثِّل سوسة النخيل الحمراء على وجه التحديد أكبر تهديد لإنتاج نخيل التمر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وغيرها من المناطق، فهي مسؤولة عن تدمير أشجار نخيل التمر بما يزيد عن نصف مليار دولار أمريكي كل عام في دول البحر الأبيض المتوسط، كما إنها تؤثر على ما يقرب من 50 مليون مُزارع في جميع أنحاء العالم.

ونظرًا لأن حوالي 90 في المئة من أشجار نخيل التمر في العالم تُزرع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي يعتمد فيها العديد من المزارعين بشكل كبير على إنتاج نخيل التمر لكسب عيشهم، فإنه من الضروري إيجاد حلول فعَّالة للتعامل مع حالات الإجهاد الحيوي وغير الحيوي. فمن ناحية، يكون من الضروري تحديد أصناف نخيل التمر الأكثر تحملًا للإجهاد الحيوي وغير الحيوي. ومن ناحية أخرى، لا بد من اتباع نُهُجٍ متكاملة لتوفير المياه وغيرها من المدخلات ومكافحة الآفات والأمراض وضمان إنتاجية أعلى في الظروف البيئية القاسية.

وقد وجّه هذا الأساس المنطقي برنامج إكبا البحثي حول نخيل التمر لأكثر من عقدين من الزمن؛ حيث أجرى المركز منذ العام 2001 تجارب مختلفة في دولة الإمارات العربية المتحدة لتحديد مدى التأثير طويل الأجل للريّ بالمياه المالحة على نمو نخيل التمر وإنتاجيته وجودة ثماره وتأثير الملوحة على التربة. فقد أُجريت التجارب على 18 صنفًا من نخيل التمر من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والتي يتم ريّها بالمياه عند أربعة مستويات من الملوحة: 0.4 ديسي سيمنز/متر، 5 ديسي سيمنز/متر، 10 ديسي سيمنز/متر، 15 ديسي سيمنز/متر. وتُظهر النتائج حتى الآن أنه من الممكن زراعة أصناف من نخيل التمر تتحمّل الملوحة باستخدام المياه المالحة بجانب تطبيق أفضل الممارسات في إدارة الملوحة. وقد وُجِد أن اللولو والبرحي والخصاب والشقري والجبري هي الأصناف الأكثر تحملًا للملوحة من حيث إنتاجية المحصول. إلا أن هذه المحاصيل تنخفض إنتاجيتها بنسبة 50 في المئة عند مستوى 12 ديسي سيمنز/متر (8400 جزء في المليون). ومع ذلك، فإن جودة ثمار أصناف عجوة المدينة والنغال والبرحي والشقري وأبو معان والجبري والسكري والروثان تُعطي جودة أفضل في ظروف الملوحة المعتدلة، كما يتحسن محتواها من المعادن والسكر عندما يتم ريّ هذه الأصناف بمياه معتدلة الملوحة (5-10 ديسي سيمنز/متر) مقارنةً بالريّ بالمياه العذبة.

كما أجرى الخبراء دراسات لتحديد احتياجات أشجار نخيل التمر الفعلية من المياه في دولة الإمارات العربية المتحدة. ونتيجةً لذلك، أصبح المركز يمتلك بيانات عن إنتاجية المياه والتي تساعد في تقليل الريّ في الظروف المحلية بنسبة تصل إلى 50 في المئة. وعلاوةً على ذلك، اختبر المركز العديد من تقنيات توفير المياه، من بينها الهلاميات المائية (هيدروجل) وأنظمة الري تحت السطحية، وتُظهر النتائج أن هذه التقنيات تساعد على تحقيق وفورات في المياه بنسبة تتراوح من 25 إلى 82 في المئة دون ظهور أي تأثير سلبي على إنتاجية المحاصيل.

وفي إطار هذا البرنامج البحثي، يُقيِّم إكبا أيضًا مدى فعالية التقنيات المختلفة لمكافحة سوسة النخيل الحمراء، بما فيها مصائد الفرمون والمصائد التقليدية والمعالجة الكيميائية والمعالجة العضوية الصديقة للبيئة والأجهزة الإلكترونية. وتُشير النتائج إلى أنه من الممكن استخدام المعالجة العضوية الصديقة للبيئة والأجهزة الإلكترونية لمكافحة سوسة النخيل الحمراء، كما أظهرت أن المعالجة العضوية الصديقة للبيئة والأجهزة الإلكترونية فعّالة مثلها مثل المعالجة الكيميائية في مكافحة الآفات.

يتضمن هذا العمل البحثي أيضًا اختبار وتنفيذ نظام إنترنت الأشياء وجمع البيانات باستخدام طائرات الدرون (الطائرات بدون طيار) والمدمجة في منصة تحليل الذكاء الاصطناعي القائمة على نُظم المعلومات الجغرافية لمراقبة زراعة نخيل التمر (حلول إدارة النخيل الذكية) في إكبا.

ونظرًا لأن إنتاج نخيل التمر في المنطقة يواجه مجموعة من التحديات، فمن المهم إيجاد حلول متكاملة لإدارة نخيل التمر، ولهذا، يهدف برنامج إكبا البحثي حول نخيل التمر إلى تلبية الحاجة إلى هذه الحلول ودعم جهود المؤسسات الأخرى لتحسين سُبُل عيش منتجي نخيل التمر داخل المنطقة وخارجها.