توصلت دراسة حديثة نفذها فريق من الخبراء من جامعة برشلونة بإسبانيا والمركز الدولي للزراعة الملحية (إكبا) إلى أن المياه المالحة هي الأنسب لزراعة نبات الساليكورنيا (Salicornia europaea) الملحي من حيث الكتلة الحيوية وإنتاج البذور.
قيَّمت الدراسة المنشورة في مجلة علوم النبات (Plant Science)، نوعين بيئيين من نبات الساليكورنيا ينموان بشكل طبيعي في المناطق الساحلية لإمارتي رأس الخيمة وأم القيوين في دولة الإمارات العربية المتحدة. فقد تم جمع بذور كلا النوعين في العام 2016 وإكثارها في البيوت المحمية التابعة لإكبا باستخدام مياه بمستوى ملوحة يعادل 25 ديسيسيمنز لكل متر.
استخدم الخبراء خلال التجارب ثلاثة أنواع من المياه للري: مياه عذبة (0.3 ديسيسيمنز لكل متر)، ومياه مالحة (25 ديسيسيمنز لكل متر)، ومياه البحر (40 ديسيسيمنز لكل متر). كما بحث الخبراء أيضاً تأثير الماء شديد الملوحة (80 ديسيسيمنز لكل متر) على إنبات البذور. بينت النتائج أن البذور التي رُويت بمياه عذبة ومياه مالحة أعطت أعلى معدلات إنبات، بينما أدى استخدام مياه البحر إلى خفض معدل الإنبات إلى النصف، وتسبب الماء شديد الملوحة في انخفاضه إلى الصفر تقريبًا. تظهر هذه النتائج أن المياه المالحة تعطي أفضل النتائج من حيث الكتلة الحيوية وإنتاج البذور.
لا تسلط الدراسة الضوء فقط على التباين الظاهري بين أنماط الساليكورنيا البيئية وتوفر معلومات قيمة حول سماتها الزراعية والمورفولوجية، ولكنها تساهم أيضًا في فهم الاستجابة الفسيولوجية للملوحة بشكل أفضل.
كما تكشف الدراسة عن جوانب جديدة مثل تأثير ظروف النمو على إنبات البذور ودور أيون البوتاسيوم (K+) أثناء النمو استجابة لزيادة ملوحة مياه الري. وتشير الدراسة إلى أن ظروف الري لا تؤثر على محتوى الأحماض الأمينية والبروتينات في أنواع الساليكورينا التي تُزرع كبذور زيتية ومحصول علفي في أجزاء مختلفة من العالم.
والأهم من ذلك، أظهرت الدراسة أنه يمكن استخدام نبات الساليكورنيا كمحصول بديل لاستخدامه من قبل صغار المزارعين في المناطق المتأثرة بالملوحة. وهذا من شأنه أن يساعد على تقليل تعرضهم لتأثيرات التملح على الزراعة والأمن الغذائي.
وقد نفذ خبراء إكبا لسنوات عديدة أبحاثاً حول الكيفية التي يمكن أن تساعد بها المحاصيل المختلفة المتحملة للملوحة مثل الساليكورنيا في ضمان إنتاج غذائي مستدام وتحسين سبل العيش في البيئات الهامشية. كجزء من هذا العمل، نفذ الخبراء بحثًا مكثفًا عن الساليكورنيا منذ العام 2011. وخلال العديد من التجارب الحقلية لسنوات عديدة في محطة أبحاث إكبا في دبي، قيَّم الخبراء أكثر من 50 نوعًا وراثيًا مختلفًا من الساليكورنيا في ظروف شديدة الملوحة واختيار الأنواع ذات الإنتاجية الأعلى منها.