يعمل المركز الدولي للزراعة الملحية (إكبا) المختص بالبحوث من أجل التنمية الزراعية على تعزيز قدرات العاملين في القطاع الزراعي ضمن سبعة دول في منطة إفريقيا جنوب الصحراء، ويشمل التدريب كافة العاملين بالقطاع الزراعي من مزراعين وباحثين، وذلك بهدف إنتاج وحفظ وتوزيع بذور المحاصيل التي تتسم بتحمل قساوة المناخ ومقاومة الملوحة على المستوى المحلي لتلك المجتمعات الزراعية كجزء من مشروع إقليمي كبير.
وفي إطار هذا المشروع الإقليمي الذي يمتد على مدار خمس سنوات تحت عنوان "تحسين المرونة الزراعية تجاه الملوحة من خلال تطوير وتعزيز تقنيات مناصرة للفقراء" (RESADE)، يتعاون إكبا مع الأنظمة الوطنية للبحوث الزراعية في كل من الدول المستفيدة والتي تضم كل من: بوتسوانا وغامبيا وليبيريا وموزمبيق وناميبيا وسيراليون وتوغو، لزيادة الانتاج وتحسين الانتاجية الزراعية ورفع دخل المجتمعات الزراعية في المناطق الزراعية المتأثرة بالملوحة.
تلعب بنوك البذور المجتمعية دورًا هاماً في تنويع المحاصيل كونها مسؤولة عن التخزين قصير الأجل والتوزيع المنتظم على المزارعين المحليين وإكثار البذور والحفاظ عليها، هذا ويسعى إكبا على توفير عدد من المحاصيل التي تتسم بتحملها قساوة المناخ ومقاومتها للملوحة في النظام الغذائي للانسان وكعلف الحيوانات، كما يعمل على بناء سلاسل قّيمة للمحاصيل الجديدة، إلى جانب التركيز تطوير مهارات ومعارف المزارعين والعاملين في مجال الإرشاد الزراعي و الزراعة الذكية مناخيا وإدارة الملوحة.
وكجزء من هذا المشروع، أجرى إكبا مؤخرًا ورشة عمل تدريبية بمقره في دبي، تمحورت حول بنوك البذور المجتمعية ضمت 27 باحثًا مختصاً في مجال الإرشاد الزراعي، وعدد من الأعضاء من الدول المشاركة، تعرفوا خلالها على الأساليب والاستراتيجيات المتبعة لإنشاء وإدارة بنوك البذور المجتمعية وإلى السلاسل القيمة الخاصة بالدخن باستخدام منهاج "من المزرعة إلى المائدة".
وفي إطار ورشة العمل التدريبية، صرحت الدكتورة طريفة الزعابي، المديرة العامة للمركز الدولي للزراعة الملحية (إكبا) : " تعد ورشة العمل جزءاً من جهود مركز إكبا المستمرة لتنويع نظم الأغذية الزراعية المقاومة المناخ في أفريقيا جنوب الصحراء والمناطق الأخرى."
كما أكدت الدكتورة طريفة الزعابي - المدير العام للمركز الدولي للزراعة الملحية (إكبا) على أهمية بناء بنوك البذور المجتمعية قائلة: "تساهم بنوك البذور المجتمعية في تحسين الأمن الغذائي والتغذية في المجتمعات الزراعية والزيادة من قدراتها على التكيف والمرونة تجاه تغير المناخ نظرا لضرورة توفير المحاصيل المتحملة للمناخ و المقاومة للملوحة،
وأضافت قائلة: "تأتي هذه الورشة في إطار جهودنا المستمرة المبذولة لتنويع نظم الأغذية الزراعية المقاومة للمناخ في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ومناطق أخرى، كما أنها تعد جزءاً من برنامج الأنشطة والمبادرات المتعلقة بالاجتماع الثامن والعشرين لمؤتمر الأطراف (COP28) ".
و يجدر الذكر أن إكبا يعمل منذ 2019 على انشاء أفضل مراكز الأنشطة والممارسات الزراعية في كل من الدول الست المعنية بالمشروع، لإدخال أنماط وراثية مختلفة من المحاصيل مثل الدخن واللوبيا من بنك إكبا للجينات، الذي يحتوي على أكبر المجموعات في العالم ويضم حوالي 16,000 مدخلًا وراثيًا لحوالي 300 صنفًا نباتيًا مقاومًا للجفاف والحرارة والملوحة من أكثر من 150 بلدًا. يحتوي بنك الجينات أيضًا على حوالي 5000 مدخلا وراثيا للشعير، والتي بالإضافة إلى أكثر من 1200 مدخل وراثي للكينوا، وهي أكبر مجموعة من نوعها خارج أمريكا الجنوبية.
يطمح مشروع "تحسين المرونة الزراعية تجاه الملوحة من خلال تطوير وتعزيز تقنيات مناصرة للفقراء" (RESADE)" بفضل دعم الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (IFAD) و البنك العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا (BADEA) و البنك الإسلامي للتنمية (IsDB) إلى الوصول خلال فترة تنفيذه في المناطق المستهدفة إلى 11500 مزارع ومزارعة، حيث ينشكل نصفهم على الأقل من النساء، كما يهدف إلى زيادة إنتاجية أراضيها بنسبة 30 في المائة وزيادة العائد الاقتصادي بنسبة 20 في المائة.
باعتبار أن أفريقيا جنوب الصحراء من أكثر المناطق عرضة لتغير المناخ، وتعاني من ملوحة التربة، نتج عن ذلك في عواقب خطيرة أثرت على سبل العيش الريفية و الاقتصادات المعتمدة على الزراعة، حيث تشير التقديرات أن حوالي 19 مليون هكتار من الأراضي في المنطقة متأثرة بالملوحة بدرجات متفاوتة.