تحذر ورقة للأمم المتحدة من أن الشعوب الأصلية في العالم هي من يتحمل العبء الأكبر من تغير المناخ

  • تتمتع المحاصيل المتأقلمة مع المناخ مثل الكينوا بإمكانيات كبيرة من حيث الأمن الغذائي والتغذية في البيئات الهامشية.
25 أبريل 2021

من المرجح أن تتضرر الشعوب الأصلية في جميع أنحاء العالم - لكونهم حماة نظم المعرفة التقليدية والمحاصيل المنسية غير المستغلة بالكامل والتي قد تثبت أنها ضرورية للأمن الغذائي العالمي - أكثر من غيرهم من جراء تغير المناخ، وفقًا لموجز قمة الأمم المتحدة للأنظمة الغذائية (UNFSS) للعام 2021 - بتصريح مشترك من علماء يمثلون الرابطة الدولية لمراكز البحث والتطوير للزراعة (AIRCA).

ويحذر العلماء من أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن المعرفة التي لا تُقدر بثمن التي نقلوها من جيل إلى جيل قد تضيع، إلى جانب العديد من النباتات الأصلية التي كانوا مشرفين عليها لآلاف السنين.

ففي مناطق مأهولة متنوعة مثل السهول القاحلة وشبه القاحلة والغابات المطيرة والجبال - والتي يُشار إليها مجتمعة بالبيئات الهامشية - تمتلك الشعوب الأصلية ثروة من الممارسات التقليدية التي ينبغي أن تشكل جزءًا لا يتجزأ من الجهود الرامية إلى جعل نظام الغذاء العالمي أكثر قدرة على التكيف مع تغير المناخ والتهديدات الأخرى.

رغم ذلك، فإن هذه الأصول معرضة حاليًا لخطر الضياع بسبب مجموعة من العوامل.

ويؤكد المؤلفون أن "أنظمة الأغذية الأصلية والمعارف المرتبطة بهذه الأنظمة تتعرض للتهديد اليوم".

كما حذروا أيضًا من أن "حوالي 10% من جميع سلالات الحيوانات المستأنسة للأغذية والزراعة قد انقرضت بالفعل وهناك مليون نوع آخر من النباتات والحيوانات تواجه الآن خطر الانقراض".

ورغم أن هذا التنوع الحيوي الزراعي هو حجر الأساس للحصول على نظم غذائية أكثر مرونة واستدامة، إلا أنه غالبًا ما يتم تهميشه بسبب المحاصيل الرئيسية، التي تحظى بشكل غير متناسب بالمزيد من الاستثمار ودعم البحث والتطوير والاهتمام بالسياسات.

فمن بين أكثر من 30,000 نبات صالح للأكل، يوفر اليوم أقل من 30 نباتًا معظم الطعام الذي يستهلكه 7.8 مليار شخص.

لكن ليست المحاصيل الأصلية فقط هي التي تواجه خطر الانقراض، فلغات السكان الأصليين - وهي مصدر حكمة زراعية عمرها آلاف السنين - مهددة أيضًا.

فمن بين أكثر من 7,000 لغة، هناك ست لغات فقط يتحدث بها نصف سكان العالم، فوفقًا للوثيقة، تم تصنيف ما يقرب من 40% من هذه اللغات الآن على أنها معرضة للخطر وقد يقل عدد المتحدثين بها إلى 600 شخص في العام 2100.

تركيز في غير محله

تنمو المحاصيل السائدة بشكل جيد في الأراضي الصالحة للزراعة، لكنها تنمو بشكل سيئ في البيئات الهامشية. للأسف، تفضل السياسات الزراعية السائدة المحاصيل الأساسية على نظيراتها الأصلية حتى في المناطق الهامشية.

نتيجة لاستراتيجيات تعزيز الزراعة الأحادية والإنتاج الموجه نحو السوق، فقد تجاوزت المحاصيل النقدية الرئيسية النظم الغذائية المحلية.

ومع ذلك، فإن الفجوة بين الغلات الفعلية والمحتملة للمحاصيل الرئيسية آخذة في الاتساع والإنتاج الزراعي مستمر في الانخفاض.

والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الجوع والفقر في مجتمعات السكان الأصليين آخذان في الازدياد.

تشير الدلائل إلى أن دعم السياسات الموجهة والاستثمار في النظم الغذائية الأصلية يمكن أن يغير هذا الوضع من خلال زيادة الإنتاجية وتحسين التغذية وتقليل انبعاثات الكربون.

العمل على النحو المُعتاد لن يثمر

نظرًا لأن التربة الخصبة تصل إلى أقصى قدرتها وأن غلات المحاصيل الرئيسية تقل أو تنخفض بسبب مجموعة من الأسباب، فمن المهم الاستفادة بصورة أفضل من المناطق الهامشية، والتي تتسم عادةً بالإنتاجية الزراعية المقيدة وتدهور الموارد بها.

من غير المرجح أن يحقق العالم أهداف التنمية المستدامة، لا سيما تلك المتعلقة بالجوع والفقر وتغير المناخ، إذا كان عدد السكان الأصليين البالغ عددهم حوالي 476 مليون نسمة - والذين يعيش معظمهم في مناطق هامشية - لا يتمتعون بفرص الوصول إلى الغذاء الآمن والصحي والمغذي وسبل العيش المستدامة.

على الرغم من أن المحاصيل الأصلية المغذية هي أساس النظم الغذائية المحلية وتتسم بكونها مقاومة للضغوط الحيوية وغير الحيوية ومناسبة بشكل أفضل للظروف الهامشية، إلا أنه قد انخفضت زراعتها واستهلاكها في مناطق مختلفة.

فعلى سبيل المثال، أدى استحداث تقنيات الثورة الخضراء على نطاق واسع في أفريقيا جنوب الصحراء إلى تفاقم حالات عدم المساواة وانعدام الأمن الغذائي بين المجتمعات الريفية، وهو ما أوضحه المؤلفون.

هناك حاجة ملحة إلى اعتماد نهج مختلف في المناطق الهامشية، نهج يعامل الشعوب الأصلية كعوامل للتغيير وكأصحاب مشاركين للابتكارات بدلاً من كونهم متلقين سلبيين للتقنيات الخارجية.

ينبغي أن تعطي البحوث وجهود دعم السياسات والاستثمار الأولوية للمحاصيل المحلية وأنظمة المعرفة.

المضي قدمًا

في سبيل تحقيق الأمن الغذائي وسبل العيش المستدامة في المناطق الهامشية، من الضروري أن تتركز الإجراءات والاستثمارات على خمس أولويات.

أولاً، يجب تطوير التقنيات والابتكارات بالاشتراك مع مجتمعات السكان الأصليين، مع التأكد من أن لهم رأيًا في هذه العملية، ويجب أن تراعي هذه التقنيات والابتكارات الممارسات التقليدية وأنظمة المعرفة والظروف المحلية، إضافة إلى تسهيل الوصول إلى الأسواق.

ثانيًا، من الضروري تعميم المحاصيل والأغذية ومعرفة السكان الأصليين في المناطق الهامشية. يجب أن تصبح سلاسل القيمة المتنوعة للمحاصيل غير المستغلة جزءًا من نظام الغذاء العالمي.

ثالثًا، ينبغي اعتماد سياسات قائمة على الأدلة لمواجهة التحديات التي تواجه مجتمعات السكان الأصليين، ويجب أن تضمن هذه السياسات وصولهم إلى الابتكارات الرقمية وتنمية القدرات والأدوات المالية.

رابعًا، ثمة حاجة ملحة لرفع مستوى الوعي حول إمكانات المحاصيل غير المستغلة بالكامل ومعرفة الشعوب الأصلية كأوصياء على التنوع الحيوي الزراعي، ومن الضروري أيضا وضع نُهج شاملة للإجراءات الجماعية التي تشارك فيها مجتمعات السكان الأصليين.

وأخيرًا، ستؤدي الاستثمارات المنسقة دورًا رئيسيًا في تعزيز النظم الغذائية في المناطق الهامشية. والأهم من ذلك، يجب أن تشجع السياسات الاستثمارات العامة والخاصة والبحث والتطوير للمناطق الهامشية حيث تتيح الشراكات بين القطاعين العام والخاص إمكانية الاستفادة من الموارد والوصول إلى التقنيات والابتكارات الجديدة وتسهيل تقاسم المخاطر.

كل هذا سيساعد على تحويل النظم الغذائية الأصلية وضمان الأمن الغذائي وسبل العيش المستدامة في المناطق الهامشية.

على الرغم من أن العلماء وصانعي السياسات قد يميلون إلى البحث عن إجابات للجوع والفقر في الطفرات التقنية، إلا أن من المرجح أن يكون لدى الشعوب الأصلية ومعارفها مفتاح للعديد من التحديات.

بينما يتصارع العالم مع تغير المناخ وتأثيره، قد تساعد الدروس المستفادة من الماضي في إزالة حالة عدم اليقين وإنارة الطريق نحو المستقبل.