يتعاون المركز الدولي للزراعة الملحية (إكبا) مع عدة مؤسسات من القطاعين العام والخاص في دولة الإمارات العربية المتحدة على تطوير سلاسل قيمة لمنتجات غذائية من النباتات الملحية.
يقدم إكبا، من خلال مشروع مموّل من برنامج منح الابتكار المؤثر من "إكسبو لايف" التابع لإكسبو دبي ۲۰۲۰، المساعدة اللازمة للمزارعين في إمارة أبوظبي لزراعة الساليكورنيا، وهو نبات ملحي أو محب للملح، واستزراع الأسماك باستخدام مياه المرتجع الملحي الناتجة عن وحدات التحلية.
وقد نوقشت نتائج المشروع المذكور مؤخراً خلال اجتماع افتراضي نظمه إكبا، واستقطب مزارعين محليين وعلماء ومستشارين، وكذلك خبراء من منظمات مختلفة كهيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، وصندوق خليفة لتطوير المشاريع، وهيئة البيئة-أبوظبي، وشركة "غلوبال للصناعات الغذائية" ذات المسؤولية المحدودة/مطعم المزرعة الصحية (هيلثي فارم). أشار المشاركون خلال الاجتماع إلى أهمية المحاصيل الملحية ودور الشراكات ما بين القطاعين العام والخاص في تطوير سلاسل القيمة لهذه المحاصيل، إضافة إلى تعزيز إنتاج الأغذية من النباتات الملحية في البيئات الصحراوية كبيئة دولة الإمارات.
فقد تبين إمكانية النباتات الملحية الكبيرة للزراعة غير التقليدية في الصحراء والبيئات القاسية كتلك التي تسود منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. إذ يمكن زراعة الساليكورنيا، على سبيل المثال، في تربة فقيرة وريها بمياه مالحة أو حتى بمياه البحر. كما تصلح هذه المحاصيل للاستهلاك البشري والحيواني، إضافة إلى إمكانية استخدامها في القطاع الصناعي.
وفي كلمة ألقتها أمام المشاركين في الاجتماع، قالت الدكتورة أسمهان الوافي، مدير عام إكبا: "على الرغم من أن جائحة كوفيد-۱۹ قد زادت من تحديات تنفيذ بعضٍ أنشطة المشاريع، إلا أنني مسرورة لرؤية أهداف المرحلة الأولى من المشروع تتحقق. فقد نجح المزارعون في زراعة الساليكورنيا وتربية الأسماك، هذا إلى جانب تطوير منتجات من هذا النبات. لا شك أن كل ما تحقق يرجع إلى التعاون الوثيق الذي يجمع ما بين إكبا وهيئة أبو ظبي للزراعة السلامة الغذائية، وصندوق خليفة لتطوير المشاريع، وهيئة البيئة-أبوظبي، ومطعم المزرعة الصحية (هيلثي فارم)، والأكثر أهمية تعاون المركز مع ثمانية مزارعين من إمارة أبوظبي."
وتضيف الدكتور الوافي: "لتطوير سلاسل القيمة للساليكورنيا، ذلك المحصول المروي باستخدام مياه المرتجع الملحي الناتجة عن وحدات التحلية في المناطق الداخلية - التي تصل في بعض الحالات إلى مستوى ملوحة مياه البحر – ولتعميم تلك السلاسل، تجدنا اليوم نركز على زيادة التوعية العامة وتعميق معرفة المستهلكين بالمنافع التغذوية للمنتجات الغذائية من الساليكورنيا."
أعرب المزارعون خلال الاجتماع عن شكرهم إلى جميع الشركاء لمساعدتهم في التعرف على كيفية استخدام مياه المرتجع الملحي الناتجة في تربية الأسماك وزراعة الساليكورنيا.
يقول الدكتور حسن خليل عودة، صاحب إحدى المزارع في أبوظبي: "كانت أول تجربة لي في زراعة الساليكورنيا باستخدام مياه المرتجع الملحي الناتجة عن وحدة التحلية تجربة ممتازة. وقد اتبعت الممارسات الزراعية بكل يسر ولم تتطلب مني الكثير من الجهد. ويمكن تطبيق هذا النموذج في جميع المزارع باستخدام نظم التحلية دونما تكلفة باهظة على عاتق أصحاب المزارع، إضافة إلى توفيره منتجات صحية صالحة للاستهلاك البشري والحيواني. وأرى أنه إن استطعنا تأسيس مصنع ما، فسيجني المزارعون إيرادات مرتفعة منه، كما سيكون مشروعاً رائجاً للمستثمرين."
أما السيد حسن جمعة الزعابي، وهو مزارع آخر من أبوظبي، فيقول: "إن هذا المشروع هو واحد من أكثر المشاريع المبشرة في الدولة، إذ سيساعد المزارعين على جني المنفعة من المياه المالحة لإنتاج المحاصيل والمنتجات التي تعود عليهم بمنافع اقتصادية جيدة. وكي نتمكن من تحقيق ذلك، نحن بحاجة إلى تعاون السلطات المحلية معنا على إيجاد أسواق وفتحها أمام هذه المنتجات بأسعار معقولة، إضافة إلى تطبيق أساليب مبتكرة لتسويق المنتجات. كما أننا بحاجة إلى سن قوانين ملائمة وتشجيع المزارعين على اعتماد هذا النمط من الممارسات الزراعية ورفدهم بالمعلومات والتوجيهات العملية."
يركز المشروع على تطوير سلسلة القيمة للساليكورنيا من خلال ابتكار منتجات غذائية منه. ولغاية اليوم، تم إدخال الساليكورنيا والأسماك في ثمانية مزارع بالإمارات العربية المتحدة باتباع منهجيات تعميم متوسطة النطاق تعتمد نهج النظم المتكاملة للإنتاج الزراعي وتربية الأحياء المائية.
ينفذ إكبا مشروع "من المزرعة الصحراوية إلى المائدة: تطوير سلسلة القيمة لمنتجات غذائية مبتكرة من الساليكورنيا" بالشراكة مع هيئة أبو ظبي للزراعة السلامة الغذائية، وهيئة البيئة-أبوظبي، وشركة "غلوبال للصناعات الغذائية" ذات المسؤولية المحدودة/مطعم المزرعة الصحية (هيلثي فارم)، ومعهد ماكس بلانك (Max Planck) بألمانيا.
تقدم هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، وصندوق خليفة لتطوير المشاريع دعماً مالياً للمزارع ضمن المشروع المذكور، إضافة إلى تنظيمهما برامج تدريبية وأيام حقلية لأصحاب المزارع والعمال لزيادة معرفتهم بطريقة استخدام المياه المالحة في تربية الأسماك وزراعة النباتات الملحية. أما هيئة البيئة-أبوظبي فتجري دراسات بيئية حول استخدام مياه المرتجع الملحي الناتجة عن التحلية وتأثيرها في التربة والمياه الجوفية، بينما تستنبط شركة جلوبال للصناعات الغذائية/مطعم المزرعة الصحية (هيلثي فارم) منتجات متنوعة من الساليكورنيا.