يتزايد يوم تلو الآخر عدد النساء الريفيات اللواتي يتطلعن إلى محاصيل بديلة تتسم بتحملها للملوحة من قبيل الكينوا، والفضل في ذلك يعود إلى جهود المركز الدولي للزراعة الملحية (إكبا) وشركائه.
فمن خلال مشروع ينفذ ضمن الفترة الممتدة من 2015 وحتى 2018، يسعى إكبا إلى تحفيز المزارعين على تبني محاصيل بديلة تتسم بتكيفها مع المناخ في مصر. وكجزء من فعاليات المشروع، وضع إكبا نموذجاً لإنتاج بذور عديد من المحاصيل المتحملة للملوحة وهو ما يشكل نواة جهود التكيف مع التغير المناخي.
بتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية من خلال برنامجها تأمين المياه من أجل الغذاء، بالإضافة إلى الوكالة السويدية للتنمية والتعاون الدولي، إلى جانب حكومة جنوب أفريقيا، ووزارة الخارجية الهولندية، تمكن المشروع من الوصول إلى ۲,۰۰۰ مزارع مصري في الريف، كان من بينهم ۱,۰۰۰ مستفيد مباشر.
وبالتعاون مع منظمات عديدة، استطاع إكبا رسم نهج متكامل لتحسين الإنتاج الزراعي ومواجهة التأثيرات الناجمة عن التغير المناخي في المناطق الهامشية من مصر. ويشتمل هذا النهج على استنباط مزيد من الطرز الوراثية المتكيفة، والإدارة المثلى للموارد، فضلاً عن تحسين الإنتاج النباتي والحيواني. ومن بين أولويات النهج المذكور ضمان توافر بذور محاصيل متكيفة مع المناخ، لا تتوافر على الساحة التجارية. وبالتالي، ساعد المشروع على إرساء أسس نظام لإنتاج البذور للإيفاء بالطلب المتزايد عليها من جانب المزارعين.
وفي عام 2017، ركز المشروع على المرأة والأسر الريفية ضمن رؤية تضمن جني هذه الشريحة للفائدة من هذه المبادرة. وكجانب من الأنشطة آنفة الذكر، نظم إكبا دورة لأكثر من 150 شخصاً، كان من بينهم 120 امرأة خلال الفترة من 17-19 ديسمبر/كانون الأول 2017 لتدريبهم على إنتاج وتصنيع الأغذية والأعلاف من محاصيل متحملة للملوحة. وكان من بين المشاركين ممثلون عن مديرية الزراعة والجمعيات الفلاحية، ومؤسسات الإرشاد الزراعي وكذلك منظمات غير حكومية من قبيل "الوادي الجديد" التابعة للمجلس الوطني للمرأة (25 قيادية).
وخلال الدورة، خضعت كافة المشاركات إلى تدريب عملي على تحضير أطباق الكينوا. وقمن بتجريب حوالي ثمانية وصفات للكينوا لإعداد المقبلات والسلطات، وكذلك وجبات رئيسية وحلويات. وفي اليوم الأخير للدورة، حصلت كافة النساء مجاناً على أكياس فيها حبوب كينوا لإعداد وصفات منزلية وتقديمها لأسرهن.
ويُذكر أن هذه الفعالية انعقدت بالتعاون مع مركز بحوث الصحراء في مصر برعاية محافظة الوادي الجديد.
وبقيادة الدكتور عبد الله الدخيل، زميل أول لدى إكبا، أجرى فريق المشروع ما يربو على 12 برنامجاً تدريبياً وورشة عمل غطت طيفاً واسعاً من المواضيع، بدءاً من انتخاب محاصيل ذكية مناخياً كالدخن اللؤلؤي والذرة الرفيعة والشعير والكينوا، وانتهاءاً بمعالجة بذور محاصيل متحملة للملوحة لإعداد الأطباق الشهية.
ونظراً لأن مصر تواجه شحاً كبيراً في المياه فضلاً عن تملح قرابة 25-40 في المائة من أراضيها الزراعية المروية، من الأهمية بمكان عدم الاقتصار على تبني المزارعين لمحاصيل بديلة متحملة للملوحة مثل الكينوا وحسب، بل تقبل النساء أيضاً لتلك المحاصيل. وهنا يجب على الامداد اللحاق بالطلب المتزايد، ما يعني أنه على عدد أكبر من المزارعين اللجوء إلى محاصيل متكيفة مناخياً، والتي تعد زراعتها نادرة حتى يومنا هذا.